رحلة اليقين (16) - الله غيب هل معناه أن وجوده غير يقيني؟ - د. إياد قنيبي
Listen now
Description
من المفاهيم الخاطئة والخطيرة أنَّ كون الإيمان غيبيًا يعني أنَّه شيءٌ غير يقينيٍّ، ليس أكيدًا، احتمالٌ كبيرٌ جدًا لكن لا تستطيع أن تقول: مائةً بالمائة. يقولون لك: لا أحد يستطيع أن يجزم بصحَّة ما لديه وخطأ الطرف الآخر؛ لأنَّه غيبٌ في النهاية. وترى مَن يطبِّق ذلك حتَّى على المسألة الكبرى؛ على وجود الله تعالى، ويقول: "الإيمان هو أن تؤمن بشيءٍ دون وجود كلِّ الأدلَّة الحاسمة والقاطعة عليه، الإيمان يحتاج إلى قفزة إيمان؛ أي إلى شيءٍ لا يمكن البرهنة عليه بشكلٍ قطعيٍّ، الإيمان يحتاج هذه القفزة الشجاعة في الفراغ".. ومثل هذه العبارات التي تجعل الإيمان بوجود الله وبالغيب عمومًا أمرًا حَدْسِيًّا، تخمينيًّا، لا قطعيًّا يقينيًّا، تجعله أمرًا بغلبة الظنِّ، احتماله كبيرٌ لكنَّه دون المائةً بالمائة. فهل الإيمان بوجود الله هو كذلك فعلًا في المنظومة الإسلاميَّة؟ يقينًا لا؛ بل الإيمان بوجود الله هو إيمانٌ بما تدلُّ الأدلة عليه بشكلٍ قطعيٍّ حاسمٍ لا يقبل الشكَّ ولا التردُّد، وكونه غيبًا لا يعني أبدًا أنَّه لا يمكن الجزم به؛ غيبٌ لا يساوي مبهمًا أو غامضًا، ولا يعني أنَّ الإيمان بالله هو موقفٌ عاطفيٌّ تسليميٌّ محضٌ؛ بل هو موقفٌ برهانيٌّ استدلاليٌّ فطريٌّ عقليٌّ. الإيمان بوجود الله هو إيمانٌ يدلُّك عليه العقل والفطرة دون أنْ يمنعك مرض القلب أو اتِّباع الهوى. والغريب أنَّ هذه المسألة التي هي أَوْلى بدَهيِّات الإسلام ليست واضحةً عند بعض مَن يتصدَّى لمحاربة الإلحاد، إنْ كان الإيمان بالله عند بعض أتباع الأديان الأخرى قد اختلط بصورة مشوَّهة عن الله تعالى وصفاته ممَّا جعل أتباع هذه الأديان يحتاجون القفزَ في الفراغ، والتسليمَ غير المستَنِد إلى العقل، فنحن لا نحتاجه في الإسلام -والحمد لله-. هذه الحلقة للمسلمين، وهي أيضًا للمتشكِّكين الذين قد يظنُّون أنَّنا ندعوهم إلى الإيمان الحَدْسيِّ العاطفيِّ التسليميِّ؛ بل نحن ندعوهم إلى إيمانٍ فطريٍّ عقليٍّ مُبرْهَنٍ. كما أنَّ التسليم الذي ندعو الناس إليه ليس في مسألة وجود الله، التسليم ليس هنا؛ بل التسليم هو في أمورٍ في تفاصيل الإسلام المبنيَّة على إيمانٍ فطريٍّ عقليٍّ مُبرْهَنٍ القرآن الذي ندعو إليه يقول: ﴿ إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا ﴾ [القرآن 15:49]؛ أي: آمنوا إيمانًا يشمل التصديق الجازم الذي لا يُخالطه شكٌّ، وليس غلبة ظنٍّ، ولا إيمانًا احتياطيًّا، ولا إيمانًا اعتباطيًّا، نؤمن هكذا مع أنَّنا نرى أنَّ الأدلة على وجود الله غير قطعَّيةٍ؛ بل المنظومة الإسلامية تنصُّ على أنَّ وجود الله عزَّ وجلَّ هو الحقيقة الكبرى بل الله نَفْ
More Episodes
أحلامك بين إيديك (9) - قلبك بين ايديك - د. حازم شومان Hosted on Acast. See acast.com/privacy for more information.
Published 06/15/24
أحلامك بين إيديك (8) - الحب بين ايديك - د. حازم شومان Hosted on Acast. See acast.com/privacy for more information.
Published 06/14/24
أحلامك بين إيديك (7) - الفرحة بين ايديك - د. حازم شومان Hosted on Acast. See acast.com/privacy for more information.
Published 06/13/24