رحلة اليقين (35) - صح النوم - د. إياد قنيبي
Description
لو سألتَ أتباعَ خُرافةِ التَّطوُّر: ما أوضحُ أمثلةِ التَّطوُّر عندكم؟
لقالوا لك: تطوُّر الحيتان
يقولون: العظامُ الخلفيَّةُ في الحوت؛ ففي مؤخِّرة الحوت عَظْمَتان لا فائدة لهما، فواضحٌ أنَّهما بقايا عظام حوضٍ ورِجلين لحيوانٍ بريٍّ عاش قبل (52) مليون سنةً، ثم حصلت له طفَراتٌ عشوائيّةٌ وانتخابٌ طبيعيٌّ إلى أن تحوَّل إلى الحوت الذي نراه، وبقيت هاتان العظمتان شاهدتَيْن على الصُّدَفِيَّة واللاقَصديَّة، فلو كان اللهُ قد خَلَقَ الكائنات، فلماذا يضعُ في الحوت عظامًا بلا فائدةٍ؟!
ولعلَّ أوَّل مَن وَصفَ هذه العِظام أنَّها بلا فائدةٍ كتاب (Biology by Curtis and Barnes) عام (1989) قائلًا أَنَّها: "useless vestiges" أي: (بقايا أثريّةٌ بلا فائدةٍ)، ثُمَّ تَبِعَهُ على وَصْفِ هذه العِظام أَنَّها (بقايا بلا فائدةٍ) معظمُ إن لم يكن كُلُّ كُتبِ عِلم الأحياء في الجامعات الغربيَّة، والمُعْتَمَدةِ كذلك في الجامعات العربيَّة، مثل كتاب (Glencoe Biology) وكتاب (Modern Biology) وكتاب (Biology By Raven and Johnson) وغيرُها، وغيرُها.
ولا تكاد تستمِع لأحدِ عَرَّابي الخُرافة إلَّا ويَتكلُّم عن هذه العِظام مُنتشيًا كدليلٍ على التَّطوُّر، مثل (جيري كوين): [لدينا أعضاءٌ كثيرةٌ فاقدةٌ للوظيفة، والتي لا يمكن تفسيرها إلا من خلال التطوُّر، وهذا أحدها، إذا نظرت إلى الهيكل العظميِّ للحوت في متحف التاريخ الطبيعيِّ، سترى عظمتيّ الأرجل هاتَيْن، لماذا هي موجودةٌ؟ لا يبدو أنَّ لها أيَّةَ وظيفةٍ] و(ريتشارد دوكنز): [الغريب أنَّك إذا نظرت بعمقٍ داخل الحوت، فستجد أعضاءً بلا فائدةِ، آثارًا لأرجلٍ خلفيَّةٍ، وهي عظامٌ صغيرةٌ تشكِّل بقايا أرجلٍ خلفيَّةٍ لأسلاف الحيتان، كانت تستخدمها للمشي].
ثمَّ ماذا حصل؟
معقولٌ؟! أيْ لها فائدةٌ؟ ليس فائدةً فقط، بل لا بُدَّ منها للتكاثر، ولولاها لما وُجِدت هذه الحيتان حتى قال هذا الموقع [USC New]: (دراسةٌ حديثةٌ قَلبَتْ مُعتقدًا تطوُّرِيًّا عريقًا رأسًا على عقِب، بإثباتها أنَّ عظام الحوض لها دورٌ مهمٌ في التَّزاوُج) وهذا موقع (Smithsonian) المتعصِّب جدًّا للخُرافة يُعَنْوِن: "الحيتان تستفيد مِن عظام حَوضِها".
حسنًا ممتازٌ هل اعترفَتْ هذه المواقع إذَنْ بأنَّ هذا يُضعِف خُرافةَ التَّطوُّر، بعد انهيار دليلٍ كانوا يُعوِّلون عليه كثيرًا؟
لا، بلا شكٍّ! بل حَشَرَتْ كلماتٍ تطوُّريَّة: تطوُّريٌّ "evolutionary"، وتَطوَّر "evolved" في مَطْلع مقالاتِها، وعَزَتْ للتَّطوُّر الفضلَ في هذه العظام ووظيفتها.
ومع ذلك، نحبُّ أنَّ نقول لهذه المواقع الكثيرة الَّتي نشرَت الخبَ، فالورقةُ العِلميَّة لمجلَّة إيفولوشن (Evolution)، الّتي أثارت هذه الضَّجّة لم يكن موضوعُها إثب