رحلة اليقين (32) - من سرق المليون؟ - د. إياد قنيبي
Description
واقعُ السِّجلِّ الأحفوريِّ أنَّ لدينا عددًا ضخمًا جدًا منَ الأحافيرِ للكائناتِ المتمايزةِ، الَّتي نراها بيننا في الواقعِ هيَ هيَ كما هيَ، ولا نجدُ إلَّا أحافيرَ معدودة أقلَّ وضوحًا، فيُسارعُ أتباعُ الخرافة إلى التمسُّكِ بها كأنَّها لكائناتٍ انتقاليَّة، ومن ثم، فالحديثُ عن حفرية هنا وأخرى هناك
لكائناتٍ يُدَّعى أنَّها وسيطةٌ هوَ أسخفُ منَ الحديثِ عن قرشٍ وشِلن كأدلَّةٍ على سرقةِ مليونِ دينارٍ.
فكيفَ عندما نرى أنَّ العلمَ الصحيحَ لا يَلبثُ أن يُبطِلَ هذهِ المزاعمَ؟ كما رأينا نماذجَ من ذلك في حلقةِ: (في سبيلِ الخرافةِ)، أي قروشًا وشلناتٍ مغشوشةً ومزيفةً.
داروين "Darwin" كان يُدرِكُ هذا، ولذلكَ ذكرَ أنَّ خرافتهُ تتطلَّبُ أن نجدَ عددًا لا حصرَ له من أحافيرِ الكائنات الانتقاليّة؛ لا حصرَ لهُ،
وبعبارتهِ: أعداد لا حصرَها، لا تُعدُّ ولا تُحصى، وأبدى انزعاجهُ من عدمِ وجودِها، لكنَّهُ عوَّلَ على اكتمالِ السِّجلِّ الأحفوريِّ في المستقبلِ، تمامًا كما عوَّلَ المديرُ على احتماليَّةِ أن يكونَ (رياض) قد بلعَ مليونَ دينار.
أحافيرُ كثيرةٌ جدًا للكائناتِ، الَّتي نعرفُ، ليسَ بينها شيءٌ ممَّا توهَّمهُ داروين، معَ أنَّهُ ينبغي أن تكونَ مغمورةً في بحارٍ من الكائناتِ الانتقاليَّةِ، ومعَ ذلكَ يعوِّلُ على اكتشافِ المزيدِ.
بعدَ مئةٍ وثلاثينَ عامًا من تعويلاتِ داروين وأحلامهِ تجمَّعت أحافير لأكثرَ من (100) ألفِ نوعٍ من الكائناتِ، وأصبحَ غيابُ أحافير الكائناتِ الانتقاليَّة المزعومةِ أشدَّ مما كانَ أيامَ داروين، كما في هذا المقالِ الَّذي شقَّ
طريقَهُ إلى نيويورك تايمز "New York Times".
----------------------------
كَهَنةُ الخرافة يقولون: "لا خُطَّةَ خلق"، وفي الوقتِ ذاتهِ يبنونَ نصوصهم المسرحية على وجودِ هذه الخطَّة؛ يرسمونَ خطًّا بين كائنين، مع أنّ عبثيَّتهُم أشبه بالتفاعلِ الانشطاري لا بالخط المستقيم.
لذلكَ إخواني فالمصطلحات الَّتي يستخدمها أتباعُ الخرافة، مثل: (حلقات وسيطة، وكائنات انتقالية)، هيَ مصطلحاتٌ مضلِّلةٌ؛
فالوسيطة: تتوسَّطُ بين نقطتينِ محدَّدتين،
والانتقاليَّة: تنتقِلُ إلى غايةٍ محدَّدة،
في حين أن الصَّحيحَ أنَّ الخرافةَ تتطلَّبُ عددًا لا حصرَ لهُ من الأشكال العبثية لكائناتٍ كالفئرانِ مثلا، تتغيَّرُ على غيرِ هدى في كلِّ الاتِّجاهاتِ، قبل أن تتحوَّل بالصدفةِ وبطريقةٍ معجونيَّة إلى الشَّكلِ الذي افترضوا أنها تطوَّرت إليه.
كلُّ هذا إخواني في نوعينِ من بينِ ما يُقدَّرُ بأكثرَ من ثمانيةِ ملايينِ نوعٍ منَ الكائناتِ، التي افترضَ داروين أنَّ لها أصلًا مشتركًا.
----------------------------
تعالَوا الآنَ