أهلًا وسهلًا ومرحبًا بكم في حلقة جديدة من بودكاست قارئة، معكم آية العضوة الجديدة في هذا المنبر! ✨ اليوم نكمل سلسلة القِصص، ونحكي قصّة الأصمعي والخليفة العباسِي أبو جعفر المنصور🤩 كان أبو جعفر المنصور يحرِصُ على أمـوال الدولة؛ فاشترط شرطًا على رابطةِ الأُدباء! أنه لا يُعطي مالًا لشعر، إلّا لقول الشّاعر، أمّا إن كانت من منقوله محفوظة من قَبل فلا يُعطي عليه شيئًا.. أي أنه يكتب القصيدة ليست من بُنيات أفكاره. وكان الخليفة يحفظ القصيدة من أول مرّة، وعنده غلامٌ يحفظ القصيدة من مرّتين، وعنده جارية تخفظ القصيدة من ثلاثِ مرات! فيأتي الشاعِرُ المسكين، وقد نظم قصيدته الطّويلة طِوال الليل، يقول الشاعر: السّلام عليكم يا أميرَ المؤمنين، يردّ الخليفة السّلام.. ويقول الشاعر: أنا شاعر فحل، ويقول الخليفة: ما فحولتك؟ يقول الشاعر: نظمت قصيدة طويلة، فيقول له الخليفة: إن كانت من قولك أجزناك عليها، ويقول قصيدته الشاعِرُ، فيقول الخليفة كأني أحـفظها منذ زمنٍ بعيد! يتعجب الشاعر، ويقول في نفسه: تتوارد الأفكارُ في بيت أو بيتين، أمّا القصيدة كلّها هذا يستحيل! فيردّ الخليفة ويقول: لا، وهناك غيري يحفظ القصيدة، أحضر الغُلام، فيأتي الغلام ويقول القصيدة! ثمّ يُؤتى بالجارية فتقول القصيدة. كان الخليفة أبو جعفر المنصور يستخدم خُدعة وحيلة للضّحك على الشعراء؛ لأنه كان يحفظ القصيدة من المرّة الأُولى ثمّ يقولها، ويحفظها الغلام من وراء السِّتار للمرّة الثانية، ثمّ تحفظها الجارية للمرة الثالثة! فيقول الشّاعِر: هذا يستحيل، إذن أنا لست بشاعرٍ! ثمَّ يذهب يجلُس مع بقيّة الشعراء الّذين مروا بذاتِ الشيء، فيأتيهم الأصمعي، ويقولون له: ألا ترَ ما نحن فيهِ؟ ألا ترَ نكتب القصيدة طِوال الليل من بُنيات أفكارنا ثمّ نكتشف أن ثلاثة يحفظونها قبلنا؟ فقال لهم الأصمعي: دعوا هذا لي، يردون الشعرَاء: عند أمير المؤمـنين، فيقول الأصمعي: إنّ في هذا مكر وحيلة!! فقام ونظَّم قصيدة منظمة ملونة المَوضوعات، التقط فيها بعض الكلماتِ، ثم تنكر حتّى لا يُعرف، ذهب إلى أمير المؤمنين ودخل قائلًا: السّلام عليكم يا أمير المؤمنين! فيردّ الخليفة: وعليكم السلام، ويقول الأصمعي: أنا شاعر من أعراب الموصف، فيردّ الخليفة: إذن تعرِف الشروط؟ فيرتجل الأصمعي ويقول: صوت صفير البُلبل هيّج قلبي الثملِ.. الماء والزهر معًا مع زهر لحظِ المقلِ.. وأنت يا سيد لي وسيّدي ومولى لي.. فكم وكم تيمني غزيل عُقيقلي.. قطفته من وجنةٍ من لثمِ ورد الخجلِ.. فقال لا لا لا لا لا وقد غدا مهروِلي.. والخُود مالت طربًا من فعل هذا الرّجلِ.. فولولت وولولت ولي ولي يا ويل لي.. فقلت لا تولولي وبيّني